لايمكن النظرالى العالم بدون استحضار الفكر الفلسفي: فالاقتصاد اليوم، كما كان بالامس، يستحيل فهمه بدون استحضار مسلمات فلسفة النظام الرأسمالي وقواعده ومفاهيمه ومناهجه. وهذا هو ما لا يسمح النظام الرأسمالي ذاك بمعرفته فالاحتكار من أهم مميزاته. وفي هذا الاطار والتوجه تتحرك فلسفة ما بعد الداثة؛ تحرك يخفي حقيقة معنى الوجود ليظهره بمظاهر اخرى ليست حقيقته. والمنطق واضح في هذا الباب: وجود الانسان مرهون بدرجة اكبر بالمادي؛ بمعنى ان الانسان ذاك لايمكن ان يأكل التلفاز ولا المذيع ولا الكلام ...الخ: فاستمراره في الحياة مرهون بإشباع حاجاته المادية بالضرورة والاساس.
وفي هذا الاطار، فغياب المادة يعني ،وباللزوم المنطقي،غياب الانسان وتخلف المجتمعات؛هذا دون ان ندخل في تفاصيل ما يحتاجه الجسم كموضوع فلسفي.لا شك ان هناك ممارسات عدة من سياسية وثقافية واخلاقية وفنية ذات اشكال تصنفها الفلسفة- او الفلسفات الرأسمالية- وفق مدى انصياعها لحاجيات النظام الرأسمالي؛ لذلك ، فالفلسفة الما بعد حداثية تلك تعمل اكثر ما في وسعها لإلغاء الواقع او الحقيقة او الديموقراطية وإظهار غيرها بمظهر الحضارة في الوقت الذي نجد منطقها الداخلي لا يخرج عن إطار دائرة تصور النظام الرأسمالي المتمثل، كما قلنا ذلك في مختلف اعمالنا،في نهب الموارد الطبيعية يأشكال خفية.
فالمادي في الفلسفة ما بعد الحداثية مقدس، يجب ان لا يسمع ولا يلمس ولا يرى مثلهفي ذلك مثل اللاشعور الفرويدي: حاضر في كل المستويات لكنك لن تراه او تلمسه؛ فإدراكك له يتم على مستوى الاستنتاج وأن ما تراه هو الممارسات التي يحددها مستوى آخر من مستويات الوجود وهو المستوى السياسي الدي تتلخص برامجه ومشاريعه في إخفاء حقيقة الوجود وإظهاره بمظهر او بمظاهر ليست هي حقيقته. لذان فالعقل لذي فلسفة ما بعد الحداثة تلك أصبح لاعقلا او قل اداة غامضة تعني العمل على تغميض قضايا الوجود المتمثلة بالضبط، في تبرير نهب اقتصادات العالم المخلف والمتخلف وخاصة منه العالم العربي وكذا القضية الفلسطينية.فالواقع العربي، بالمنظورالفلسفي ما بعد الحداثي ليس سوى وهم؛في حين اننا عندما نقارب ونسائل الواقع العربي ذاك، نجده موضوع صراع بين مختلف القوى الرأسمالية وبمستوى عال للسيطرة على مناطق النفط خصوصا.
بقراءة اكثر وضوحا، فالعالم العربي بالنسبة لفلسفة ما بعد الحداثة يتحدد في مستويين: مستوى عميق، تقول الفلسفة تلك، باستحالة معرفته؛ وهذا الواقع العميق والخفى هو بطبيعة الحال الواقع العربي الماي خاصة النفط منه؛ ومستوى آخر هو ما نرى والذي ليس سوى عبارة عن وهم لايمكن مناقشته وتقييمه؛ وهذا الواقع، بطبيعة الحال،هو تخلف هذه المجتمعات ومعاملتها بشكل احتقاري ودوني.
وانطلاقا مما سبق يمكن طرح القضية الليبية كقضية فلسفية عرفت وبشكل يتناقض وكل المواثيق والمباديء الدولية والسيادية، تدخل الدول الغربية والدكتاتورية قصد الحصول على حصتها ونصيبها من النفط। فالسائد في مجمل وسائل الاعلام هو التصور الفلسفي الما بعد حداثي القائل بان التدخل ذاك جاء لأجل نشر الحرية والديموقرلطبة، في حين ان أساس وهدف التدخل ذاك هو السيطرة عل ذلك المقدس والخفي - اللاشعور - الذي هو البترول لإمكان ترقيع الازمة المالية الخانقة التي اتعبت النظام الرأسمالي راهنا والتي وصلت مستويات مخيفة؛ وزيارة الفيلسوف الفرنسى ليفي الى ليبيا مرات ومرات ، اهم مثال على التوجه الفلسفي المابعد حداثي إضافة إلى أنه مستشار للرئيس ساركوزي لقد عمل هذا النظام السياسي المابعد حداثي على تكوين وتدريب وتمويل وتوجيه وقيادة مجموعة تابعة للغرب ذاك سماها "بالثوار الليبيين" وسموا أنفسهم هم "بثوار ليبيا" وهم في كل هذا كتلة سياسية في يد النظام الرأسمالي الغربي على شاكلة كرزاي في افغانستان ونوري المالكي في العراق.فهل انتبه الشعب السوري الى هذا الخطر الكبير للتصور الفلسفي المابعد الحداثي الذي سقط في فخه ما يسمى "بثوار ليبيا"؟ وهل آن الاوان لمعرفة ما معني برهان غليون فلسفيا؟
محمد بوجنال
mercredi 21 septembre 2011
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire