لقد كثر اللغط عن وحول مفهوم الدموقراطية من رافض لها، وداع لها، ومتذبذب حولها، وجاهل لمعناها؛ ناهيك عن الكثير من الموضويين الذين تعودنا تطفلهم وترحالهم من نظرية إلى اخرى.
لقد ملأ هذا اللغط كل المجالات: الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية دون ان يتمكن احدهم من ملامسة مفهوم الديموقراطية وحقوق الانسان لان مقدمات الجميع لا علاقة لها بالديموقراطية وحقوق الانسان.والمنطق الفلسفي واضح في الموضوع:المقدمات تنتج بالضرورة نتائجها. والمقدمات المنتشرة والتي نجد من المفكرين من هو على وعي بها ومن هو على جهل بها، هي مقدمات تكن العداء للديموقراطية وحقوق الانسان من قبيل تفوق العرق الابيض، التفويض الالهي وهي مقدمات تتضمن التمييز الطبيعي والالهي بين الكائنات البشرية.انه عرق يتحمل مسؤولية تدبير العالم بالشكل الذي يعطى له فيه المشروعية القانونية والطبيعية والدينية في حماية سلامة هذا العالم؛ حماية من عرق ادنى يتميز بالضعف البيولوجي والتخلف الشمولي وبالتالي نسبة ذكاء تقترب من الصفر؛ لذا، فهو عرق يمارس التخريب والتدمير ويهدد الوجود برمته.هذه هي المقدمات المنطقية التي تتحكم في ممارسات المحافظين الجدد سواء في الولايات المتحدة الامريكية او في فرنسا او في انجلترا.لذا، فممارساتهم في العالم، وباللزوم المنطقي، لاعلاقة ولا يمكن ان تكون لها علاقة بالديموقراطية وحقوق الانسان أو قل أن ممارساتهم تلك هي دكتاتورية أحيانا وإجرامية أحيانا اخرى ومؤذبة احيانا ثالثة ومهددة احيانا رابعة.
هذا العالم اليوم، عالم القرن الواحد والعشرين، يقوم بتدبير شؤونه اليومية رجال السياسة الذين يصعب القول بإرادتهم تأسيس مؤسسات الديموقراطية وحقوق الانسان. فللسياسي فكر ضيق لا يمكن ان يتجاوز دائرة المقدمات السابقة الذكر وكذا نتائجها الا نادرا؛ بل ليست له الشجاعة والارادة والحرية للخروج من تلك الدائرة العنصرية. من هنا نقول انه اذا كانت الديموقراطية وحقوق الانسان حقا طبيعيا للانسان، فإن الدول المعاصرة اليوم، كما في السابق، تفتقر في مجموعها قيم الديموقراطية وحقوق الانسان لصالح فكرة التفوق العرقي والفئوي.
أمام هذا الوضع المتوحش في تدبير العالم، نجزم القول بضرورة تبني الفلاسفة مهام تدبير شؤون العالم. فالانسانية والديموقراطية وحقوق الانسان هي الاشكالات التي لم يطرحها، في حقيقتها، سوى الفلاسفة تحليلا وتفسيرا ودفاعا -بغض النظر عن ايديولوجي النظام الرأسمالي - علما بأننا لاندعي ان تولي الفلاسفة تدبير شؤون العالم سيكون تدبيرا يتميز بالحكامة المطلقة. فالفيلسوف يوجد في التاريخ وبالتاريخ وبالتالي الفاعل الذي سيخلق ، بوحدته بالانسانية وفي الانسانية فعل الاشراك والصياغة والتنفيذ والمتابعة والمراقبة والمحاسبة والتقييم، المستوى الارقى في التاريخ لنظام الديموقراطية وحقوق الانسان؛ وذلك يقتضي وضع مقدمات جديدة تؤمن بوحدة الانسان وقدراته؛ وقد سبق ان قلنا أن طبيعة النتائج تكون مرهونة دوما بطبيعة المقدمات الجديدة مرحلة تولي الفلاسفة مسؤولية تدبير الكون مقدمات أكثر ديموقراطية كلما كانت النتائج على ارض الواقع نتائج أكثر ديموقراطية.
ولا شك في ان الدعوة التي لنا كامل الوعي بأبعادها والتي ستكون لنا وقفة دقيقة حولها في وقت لاحق، ستلقى انتقاد جهات عدة نظرا لإحساسها بتهديد مصالحها الخاصة باسغلالها مفهوم الديموقراطية وحقوق الانسان التي ليست ، في حقيقتها، سوى الدكتاتورية والعنصرية।
محمد بوجنال
mercredi 21 septembre 2011
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire