vendredi 29 juillet 2011

ظاهرة الشمكارة في المغرب الحلقة الثانية: الشمكار /الموظف

كل المغاربة يرددون: الموظفون "شمكارة" دون إلغاء الاستثناء الذي قدروه ب0.05 في المائة. وبناء على التحديد الذي سبق أن أعطيناه في الحلقة الاولى لدلالة "الشمكار"، "فالشمكار بالوظيفة" في المغرب مراتب: فيها العليا والوسطى والدنيا . لنبدأ بالفئة الأولى التي هي فئة "الشمكارة العليا"؛فما يجمع بين مختلف مكوناتها هو كونهم جميعا يمارسون الفساد والرشوة وخرق القوانين سواء الدستورية منها أو التنظيمية ناهيك عن العرفية؛ بل وتكمن خطورتهم أكثر في كونهم يكنون العداء تلو العداء للشعب المغربي. فهذه الفئة العليا من الشمكارة سماها الدستور الممنوح القديم ويسميها الدستور الذي زكاه الاستفتاء المخدوم ب"المسئولين" وهي فئة، كما يعلم الشعب، مارست الفساد بشتى أنواعه وأشكاله متخلصة من كل أشكال الرقابة والمحاسبة نظرا لقوة مركزها داخل التشكيلة المخزنية، بل وحصولها على الحصانة القانونية والسياسية التي يمنحها إياها الدستور الممنوح لقد استحوذت هذه الفئة من "الشمكارة" وتصرفت في كل الميزانيات والصناديق المالية وممتلكات الشعب سرقة وتحويلا وتحايلا دون اعتبار ولا احترام لحقوق وكرامة الشعب.

ومعلوم أن هذه الفئة العليا من"الشمكارة" التي تتحصن بلوبياتها وعبيدها الذين ذكرنا منهم في حلقة سابقة ما سميناه ب"الشمكار بالكتابة"، ترى أن حركة 20 فبراير هي عدوها النقيض واللذوذ التي تقتضي المصلحة المخزنية والطبقية مواجهتها بمختلف الآليات الممكنة فوصفت الحركة تلك تارة ب"ادراري" ،وتارة بالملاحدة ،وتارة أخرى بالمتطرفين، وتارة رابعة بالخونة...الخ. وفق هذه الادعاءات، فهي تعتبر نفسها الفئة التي لها مشروعية التصرف في أموال ومشاريع الشأن المحلي والعام المغربيين؛ وما عداها أي الشعب الذي منه حركة 20 فبراير، فهم رعاع أو كائنات بشرية ذات مستوى ذكاء ضعيف بالفطرة ؛ لذا أوصى الله بممارسة السلطة عليهم تجنبا لحصول الهلاك. بهذا التصور، فالدفاع عن الشعب من طرف حركة 20 فبراير، هو بالنسبة لها خرق لكل القوانين: الدستورية والطبيعية والدينية؛ وبمعنى آخر، فهي ترى أن حركة 20 فبراير هي حركة عابرة وظرفية ومرفوضة من طرف الشعب- شعب المخزن بالتزوير- الذي أعطى، استفتائيا ،في نظرها، صلاحية ومشروعية تمثيله لمن هم في أعلى هرم السلطة وبالذات المخزن .

وهناك فئة أخرى من الشمكارة بالوظيفة وهم فئة تحتل أعلى مراتب الطبقة البورجوازية المتوسطة؛ وتكمن أهميتها في كونها الخزان الذي يضم الوجوه التي ستحل محل الوجوه القديمة التي أصبح الواقع يفرض ضرورة الاستغناء عنها نظرا لفضائحها وسرقاتها ونهبها المال العام. فهذه الفئة من الشمكارة الموظفين قد أخذت تكوينها عموما في فرنسا حيث تم تشكيل جهازها العقلي بفكرة أن عدو الديمقراطية هو "الشعب" نظرا لطبيعة وضعف قدراته وإمكاناته الفطرية. لذا ، فالديمقراطية في نظر المخزن هي نظام يجب أن تسند مسؤولية تدبيره لأشخاص تكونوا ودرسوا وتدربوا بالشكل الذي يمكن المخزن من تسيير وضبط وتنظيم العدو اللذوذ والنقيض الأساس الذي هو "الشعب"؛ بمعنى أن للمخزن احتياطه الكافي من فئات الشمكارة الذين يتموقعون، كما قلنا،في المرتبة الأعلى من الفئات المكونة للطبقة المتوسطة المغربية. إنها الفئة التي تتسلم من سابقتها مشعل التفنن في الفساد والاختلاس والتزوير ومختلف أشكال العداء "للشعب" وبالتالي لحركته المتمثلة في 20 فبراير؛ فالشعب هو بالنسبة لتلك الفئة من الشمكارة ما هوسوى كائنات بشرية حكمت عليها القوانين الطبيعية والدينية بحتمية تلبية رغبات أسيادها بالعمل والإنتاج والطاعة والخضوع؛ أو قل أنها، في نظر تلك الفئة من الشمكارة، كائنات بشرية موجودة دوما ، وبالطبيعة، رهن إشارة المخزن كيفما كان الحال وبالتالي فأية حركة تتبنى، فكرا وممارسة، عملية تفعيل "الشعب"ذاك كحركة 20 فبراير يجب ، في نظر الفئة تلك، سحقها بالأسلوب والآليات المناسبة. فهل هذا هو النظام الديموقراطي؟ وهل هذه هي حقوق الإنسان؟ وهل هذه هي العدالة والمساواة؟

أما الفئة الأخرى من الشمكارة بالوظيفة فهي صغار الموظفين الذين لا يرون في المواطن سوى الفريسة التي يجب الانقضاض عليها لابتزازه وفرض الرشاوى عليه وإلا فقضاياه ستبقى معلقة. إنه "الموظف/الشمكار" الذي مرمدته تكاليف الحياة اليومية، فلم يعد له من مخرج سوى اصطياد وتصيد مواطن الشعب الذي لا حيلة له أمام "الموظف/الشمكار" إلا بالاستجابة الفورية لمطلبه. فهو موظف يلتحق بمكتبه معطلا، يرتدي ملابس تعني عدم تحمل المسئولية، عيناه في حاجة لشيء ما لكي تصبح عادية، استقباله المواطن يدل على الاستهزاء وعدم الاحترام اللهم إلا إذا تسلم منه ما يرضيه –الرشوة- . هذا النوع من "الموظف/الشمكار" هو النوع الذي يتعامل معه المواطن بشكل مباشر وهو الأكثر عرضة للمحاسبة والتأديب كلما أراد المخزن تبييض وجهه بتقديمه كضحية. وعلى الرغم من دونيته بالمقارنة بأنواع الشمكارة الذين سبق طرحهم، فهو بدوره يرى في حركة 20 فبراير حركة تحرمه من ممارسة الضغط على أفراد الشعب مصدر راحته المادية بمعنى أن الاحتفاظ بالشعب في مستوى أدنى من الوجود وانعدام الاعتبار، يعتبر بمثابة وضع مريح له؛للسبب ذاك، تراه يحبذ عملية تنويم الشعب مثله في دلك مثل باقي "الشمكارة" ؛ وكذا إبداء وصدور العداء لحركة 20 فبراير باعتبارها الحركة التي تطرح مجموعة من المطالب المهددة للحياة المادية للشمكار ذاك والتي منها ،على سبيل المثال، حق المواطن في الاستفادة من موارد بلده ،ومعاملته المعاملة المسئولة، والحق في المشاركة في النقاشات والحوارات وبناء البرامج ومتابعة التنفيذ ومحاسبة الضالعين في الفساد...الخ.

أما النوع الموالي من" الشمكارة" المطروح للتوضيح في الحلقة المقبلة فهو "الشمكار بالحزب".

محمد بوجنال

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire