بداية ما دلالة الحراك كمفهوم؟ الحراك نشاط عقلي ووجودي تحكمه جدلية القضايا المجتمعية والذاتية التي تصبح مطلبا حيويا يقتضي أسلوبا متمردا ومنظما لإشباع تلك المطالب. فالجمود والحراك مفهومان نقيضان بمعنى أن الأول تحكمه دائرة مغلقة يحتل فيها الجمهور العربي أدنى مراتب الإنسانية وعن اقتناع لأسباب سنوضحها فيما بعد؛ أما الثاني،فنظرا لكم الضغط والقمع والاستغلال الذي تعرضت وما زالت تتعرض له الجماهير العربية، يريد الخروج من تلك الدائرة بحثا عن مستوى أعلى من درجة هوية و"معنى الوجود" الذي هو أساسا درجة ما من درجات الحرية. لذا نرى أن مختلف أشكال الحراك الجماهيري في العالم العربي بدأت شعارها بفعل :الشعب "يريد"...
بناء على ما سبق، نعتبر أن طرح السؤال عن معنى الحراك الجماهيري العربي يقتضي الجواب عن السؤال: ما "معنى الوجود؟" فالجماهير العربية، لكي تمارس التغيير، لا يمكن أن تكون كائنات بشرية تعيش وتحيى بشكل بهيمي. إلا إن المتتبع والدارس للمنطقة العربية يرى أن السؤال ذاك كان غائبا، وما زال بفعل الأوضاع الاجتماعية التي لم تتجاوز بعد مرحلة درجة هوية الوجود الأدنى؛ لذا ،فالجماهير العربية تحددت سلوكياتها في تكرار وفعل ما فعله الأجداد وما تفرضه التقاليد والأعراف. ف"معنى الوجود" تحدده الوظيفة التي تحددها السلطة الدكتاتورية ضمن الكل بحيث أنه كلما تموقعت الجماهير العربية تلك خارجه كلما اعتبرت عناصر مخربة هدفها خلخلة استقرار النظام السياسي.
ف"معنى الوجود" كما نستشفه من مختلف تمسلكياتهم هو معنى مرتبط بقصص وروايات يغلب عليها الطابع الخرافي والأسطوري والأخلاقي. ولا شك أن الجماهير العربية لا يمكنها، بفعل شروط وجودها التي تفتقر لأدنى دلالات الإنسانية، أن تتجاوز سطحية وخرافية وميتافيزيقية تلك الرموز التي تعبر لا عن ذاتية الشيء بقدر ما أنها تعبر عن قدرة وقوة ذات متعالية ومقدسة سمتها: الله؛ أو قل أن "معنى الوجود" حسب الجمهور ذاك، يبقى متموقعا فيما وراء ظاهر الأشياء. ومعلوم أن المعنى الكامن يستدعي، للحصول عليه، أو لبداية الخروج من دائرة درجة هوية الوجود الأدنى، استحضار ما يسمى بالعلم باعتباره المنظومة التي تبحث فيما وراء الظاهر لكشف القوانين. إلا أن بنية الواقع العربي ما زالت بنية ميتافيزيقية خاضعة بشكل كبير لسلطة الدين مفسرا ومحللا كمقدس يبرر ويدعم سلطة الدكتاتور بإعطائها صبغة أن الرئيس أو الملك هو خليفة الله في الأرض وبالتالي اعتباره معصوما من الخطإ. واستنادا إلى مفهوم الدين باعتباره المرجع،تحددت دلالات مفاهيم مثل الطبيعة والتاريخ والعقل والسياسة والكانسان والقوة وغيرها. ومن هنا فحركية الجمهور العربي تقتضي تفكيك الجهاز الميتافيزيقي واللاهوتي من جهة بشكل انتروبولوجي، وتفكيك جوهر ميتافيزيقي آخر هو "الذات" من جهة أخرى. لكن من يمكن أن يقوم بتحرير الذات تلك؟ ننطلق لمقاربة الحراك الجماهيري في العالم العربي من الفرضية التالية: تطرح الأسئلة حول "معنى الوجود" كلما أصيبت المعتقدات والأعراف بالأزمة. لقد سبق أن اعتبرت السلطة الدكتاتورية العربية "وجود" تلك الجماهير "وجودا" رخيصا لا يستحق الاهتمام بأكثر مما هو عليه؛ لذلك كانت الجماهير العربية تلك الكائنات الأكثر فقرا وتضحية واستغلالا وهامشية والأكثر خضوعا للمراقبة بمختلف وسائل وتقنيات ومؤسسات السلطة الدكتاتورية. وقد تبدى ذلك في ثلاث،على الخصوص،في ثلاث مجالات: الدين والجنس والصراع وهي مجالات تم تحريم تناولها بالتحليل والبحث باعتبارها مجالات تعني الإلحاد وسوء الأخلاق ورفض الملكية الخاصة التي هي من حق النخبة والسلطة وأن أي مس بها يعتبر مسا بالحقوق المشروعة قانونيا ودينيا وبالتالي بقيت مجالات محاربة تحت شعارات من قبيل الزندقة والخروج عن الطريق المستقيم كما وضحه الدين. فالدين أصبح بمثابة فكرة ضمير جمعي أخذ صيغا وأشكالا كثيرة منها الإيماني والأخلاقي والسياسي والاجتماعي والأيديولوجي والمطلق .لقد تم التلاعب بالدين وتم توظيفه كأداة للتجميد والتسليع على المستويين الشعوري واللاشعوري للجماهير العربية بالحث على أن العالم المادي هو وهم زائل وأن العالم الأخروي هو العالم الذي فيه ستتم فيه مجازات الجماهير تلك عن كل ما ضاع لها في الحياة وفوزها بالجنة. ومن هنا قناعة الجماهير العربية بتبنيها فكرة الدين بالشكل الذي فرضته به السلطة الدكتاتورية المتمثل في المصالح المادية واستمرار السيطرة السياسية.لقد تحدد مصير الجماهير العربية على هذه الشاكلة. أما المكون الثاني، الجنس فدلالته وتحديده يتمثل في الإشباع الأيروسي الشخصي الذي بقي مشجون قواعد القرابة والطائفية والطبقية والملكية الخاصة. لقد استمر الدين في لعب دوره السابق في شكل الوعي الاجتماعي الذي انتقلت بعض ممارساته إلى مجالات قالوا أنها جديدة كالمؤسسات الاجتماعية والي هي ،في حقيقتها،مؤسسات أخذت شكل ومضمون التمسلكات السابقة التي هي تمسلكات تسلطية ودكتاتورية. لذا ، وبناء على ما سبق، فقد أعطى الدين، الذي هو بالكاد دين السلطة الدكتاتورية، الجنس صبغة القمع والكبت الذي تولد عنه منطقيا الاستلاب الجنسي. فالبيئة العربية هي بيئة الكبت والعقد الجنسية؛ ومما هو مثبت علميا، أن هذه الجماهير العربية المكبوتة جنسيا، قد فقدت نسبة مهمة من طاقتها الحيوية اللازمة للإنتاج والإبداع. فعدم التخلص الطبيعي والحر من تلك المادة يعطل دينامية الجهاز العقلي والبيولوجي؛ وهذا يدفعنا ، وباللزوم المنطقي، إلى استحضار المرأة التي حددها دين هذه السلطة الدكتاتورية في كونها لا تصلح إلا للجنس؛ "نساؤكم حرث لكم" على أساس أن دلالة الحرث ذاك أو ممارسة الجنس ما هي سوى التخلص من تلك المادة الفزيائية أي التحريم على أن لاتكون اللذة لذة بالتبادل الذي معناه احترام حقوق الرجل والمرأة على السواء. هذا الوضع الذي يعني حصول التحرر تفتقده الجماهير العربية وبالتالي بقيت سجينة خرافتها ومكبوتاتها وعقدها الجنسية؛ فجماهير على هذا الحال هي جماهير ضعيفة ومريضة لا تصلح إلا للاستجابة لمصالح السلطة الدكتاتورية. أما المكون الثالث الذي هو الصراع ؛فهو مفهوم يدهي يعني أنه قانون الوجود فمكونات الوجود هي عبرة عن وحدة متناقضات في صراع دائم يقد ، وفق منطقه الداخلي، إلى تدمير الأنظمة السياسية التسلطية؛ وهذا معناه التهديد المباشر لاستمرارية السلطة الدكتاتورية العربية؛ فهي سلطة قامت وتقوم بهضم حقوق الجماهير، هضم متمثل في حرمانهم من امتلاك الإنتاج ووسائل الإنتاج وذاك بشكل أعطته السلطة الدكتاتورية صبغة المشروعية القانونية.انه مفهوم يحمل في ذاته دلالة أن"معنى الوجود" يقتضي، وبالضرورة، التحالف بين الجماهير؛ تحالف يقتضي بدوره النظام والنضال باعتبارهما الفعل الذي يفرض على الخصم أو النقيض التنازل الاضطراري بمقتضى فعل الصراع ؛ لذلك نجد السلطات الديكتاتورية قد جندت وتجند كل إمكانياتها وقدراتها ومؤسساتها لمحوه وتخليص ساحات الوعي الجماهيري العربي من فعاليته وممارساته؛ فالدين والقوانين البشرية قد حرمت المفهوم ذاك، في نظر تلك السلطة، لأنه يساوي الخراب والتدمير والتجني على الحقوق والملكية الخاصة للناس. فمجتمعنا العربي، ترى السلطة الدكتاتورية تلك، هو مجتمع التماسك والقناعة واحترام قوانين وشرائع الذات الإلهية التي حددت ورتبت ونظمت المجتمعات البشرية بشكل نزيه وعادل نظرا لما تتوفر عليه الذات تلك من إطلاقية وسمو وكمال؛ فالمطلق لا يصدرعنه سوى المطلق. هكذا ،فمفهوم الصراع، كما حددته آليات ومؤسسات السلطة الدكتاتورية في الوعي الجماهيري العربي، قد أخذ المعنى التالي: الصراع يعني الإلحاد والزندقة وانحدار الأخلاق وتدني القيم وبالتالي فهو نقيض أقوال وتعاليم وتشريعات الذات الإلهية.
نستخلص مما ورد أعلاه، أن المجالات الثلاث تلك هي المجالات التي تحكمت في تشكيل شخصية الجماهير العربية أو الجزء الأكبر منها، فأصبح "معنى الوجود" لديها لا يحصل إلا من خلال تلك المكبوتات الثلاث التي يعتبر احترامها والدفاع عن صلاحياتها هو هو "معنى وجودها" فيحصل بها شعورها بالسعادة التي ليست في حقيقتها سوى التشيؤ والتسليع الإنساني؛ سعادة مزيفة عمق وعمل على تحذيرها وسائل الإعلام ومختلف المؤسسات والآليات التي من أهمها الفقهاء وأصحاب العمامات بتأويلاتهم الآيات الدينية والسنن النبوية؛ والدليل على ذلك إن أغلب تلك الجماهير تبدي استعدادها الكامل للموت دفاعا عن قدسيتها وشرعيتها؛ بل يزداد التشبث بذلك أكثر كلما وقعت السلطة الدكتاتورية في أزمة ما من الأزمات. هذا الوضع العربي إذن يحمل في ثناياه قيم العنف والقوة وسياسات التفريق لتدمير كل ما يمكن من التأسيس للحرية والتضامن؛ وهذا هو دلالة الإدارة العربية: المراقبة اللصيقة والقمع المشرع واحتضان أشكال السماسرة حفاظا علي الوضع الهادئ والمشي للجماهير. بل وكلما حولت نخبة الجماهير تفعيل المجالات الثلاث تلك، كلما سارعت السلطة الدكتاتورية إلى ممارسة الضغط عليها أكثر فأكثر في اتجاه تمييعها وإبراز عدم جدواها ،بل وتجريم أغلبها واعتبار بعضها الأخر أعراضا مرضية.
وهنا لابد لنا من الرجوع إلى سؤالنا الكبير: ما "معنى الوجود؟" كيف تتصوره وتحياه الجماهير العربية؟ ويمكننا حصر مفهوم" المعنى" في ثلاث تصورات: الأول يعني"وضع" فكرة ما داخل العقل وهو تحديد يجعل المفهوم مرتبطا بالعقل؛فكلما كان العقل غائبا أو مهمشا أو مريضا على المستويات البيولوجية والسوسيولوجية والسيكولوجية، كلما كان المعنى كذلك؛ فالعلاقة جدلية ولا شك أن العلاقة تلك أعمق مما نتصور: فالعقل لا يوجد في فراغ بقدر أنه نتيجة تفاعل جدلي بين مكوناته من جهة ، والمكونات الفزيائية من جهة ثانية ، والمكونات البيولوجية من جهة ثالثة، والمكونات الاجتماعية من جهة رابعة. فالعلاقة بين هذه المكونات هي ما يفرز لنا ما نسميه ب"المعنى". ولا أحد يتجاهل إلا المشيؤون، ما لهذه المكونات من أهمية على مستوى بنيتها الخاصة وبالتالي بنيتها الشمولية. فالبناء الجسمي للجماهير العربية يتميز بالفقر الكبير في نسبة الضوء التي تعتبر من الضروريات إن هي أرادت المحافظة على توازنها على المستويين الداخلي والخارجي؛ فالتغذية مثلا "ضوء": فنحن لا نأكل التفاحة بقدر ما أننا نأكل"الضوء"؛ وهذه التعدية التي هي هي الضوء هي ما لاتتوفر عليه الجماهير العربية التي تعاني الفقر والتهميش؛ وهذا مؤثر من المؤثرات التي لا يمكن تصور" المعنى" بمعزل عنه. أما المكون الآخر فهو المكون البيولوجي للجماهير العربية في إطار، بطبيعة الحال، النظام السلطوي الدكتاتوري. فهذا البناء البيولوجي يتميز بعدم الاعتبار لمكوناته الكيميائية من حاجيات وضروريات لا يمكن بدونها الكلام عن الصحة الجسمية فبالأحرى عن "المعنى" البناء. أما المكون الموالي، المكون الاجتماعي فيتمثل في "أسرة" تعاني من كل أشكال الأمية وتكرار الاعتقاد بالدونية وتقديس الأسياد؛ وفي "مؤسسات النظام التعليمي" التي تقوم بوظيفة التبلد وفق مناهج ومقررات تقليدية المضمون تتوخى التشكيل السلبي لعقلية الجماهير العربية كمعاداة الإبداع والفهم والبحث وتفكيك اليقينيات والقدسيات؛ ناهيك عن باقي المؤسسات التي تقوم بنفس الوظائف والأدوار؛ لذا، ف"معنى وجود" الجمهور العربي مرتبط بالقوى المسيطرة التي تمنح الوجود ذاك المعنى الذي يحافظ على الوضعية السائدة المتمثلة في الدونية والتخويف والقمع والإنتاج والتقديس؛ وبمعنى آخر، نقول أن قدرات الجماهير العربية ليس بمقدورها تحديد "معنى وجودها" كما تريد وترغب، بقدر ما أن السلطة الدكتاتورية بمختلف نخبها هي التي تحدد المعنى ذاك بالشكل الذي تريد وترغب ما دامت الجماهير تفتقر إشباع حاجياتها من المكون الأول والثاني والثالث. فبناء على كل ما سبق، يتحدد يتحدد"معنى وجود" الجماهير العربية تلك؛ وغيابه أو ضعفه يعني، وباللزوم المنطقي، انتشار الظلم والقمع والعبودية والتقديس والتسلط.
وبهذا تتحدد الجماهير العربية كبنية لها دلالتها حيث أن الواقعي بالنسبة إليها هو هو تلك القوة الإلهية التي تعطي الوجود الجماهيري ذاك أيديولوجيا، "المعنى" الراهن "لوجودها". وهذا يفسر لنا عصبية الأصولية الدينية الإسلامية- وغير الإسلامية كالأصولية المسيحية واليهودية- إلى درجة حالة العصاب عندما نتكلم عن غياب مصدر المعنى المطلق لصالح تعدد المعاني؛ ومن هنا انتشار الخرافات والأساطير باعتبارها آليات ومضمون يعمل على نشر الأوهام باعتبارها هي "معنى الوجود الجماهيري العربي"، أساطير تحمل دلالات وحقيقة مغزاها يتمثل في مختلف التي تمارسها السلطات الدكتاتورية على شخصيتها؛ أو بلغة أخرى فالجماهير العربية تلك ضحية إيديولوجيا زائفة وهي أيديولوجيا تفعل فعلها بإقناعها، كما سبق أن رأينا، بأنها هي صاحبة القرار والمشورة والرأي في السياسة وبالتالي تمتعها بالحرية والاستقلالية. فحقيقة الفرد العربي الذي هو وحدة من وحدات ما يسمى بالجماهير العربية لا يمكن أن تتجسد في القول في كونه يتوفر على الحرية والاستقلالية تلك؛ فحصول ذلك يقتضي منه التوصل شخصيا إلى قناعة أنه يتميز بالفعل بالحرية والوحدة والاستقلالية ما دامت علاقته بغيره علاقة ضرورية؛ ومن هنا نفهم قول التوسير في كون أن وظيفة الأيديولوجيا الاجتماعية هي تحصين وهم" معنى الوجود".
هكذا نقول أن الحراك الجماهيري العربي يستدعي منطقيا استحضار العوامل التي تراكمت والتي تمثلت، كما سبق القول، في استعباد البشر إلى الدرجة التي أصبح فيها من غير الممكن استمرار تحمله ذلك نظرا لظهور شروط جديدة أهمها وسائل الاتصال والتواصل. هذه التراكمات والتغيرات أفرزت لنا مجتمعة معنى آخر "للوجود الجماهيري العربي"، فاستخدم من بين ما استخدم،لغة بشكل ومضمون مختلفين كالقول: الشعب يريد إسقاط النظام، اسمع صوت الشعب، المخزن يخرج برا...الخ وهي لغة ألهمت شعور الجمهور العربي الذي تمكن من التحرر من الخوف والقمع والاستبداد. هنا يطرح السؤال:هل التغيير في" معني الوجود" عملية متأصلة في الوجود ذاك، أم أن الجماهير العربية هي التي أسقطته عليه مبدعة بذلك حياة كيفية؟ وإذا كان سطح الفكر يقول بصحة الشطر الثاني من السؤال فمعنى ذلك أننا أمام فعالية المستوى الأعلى من درجة هوية وجود الجماهير تلك. إذا كان الوضع كذلك فهل يمكننا القول أن"معنى الوجود" هو رغبتنا وفعاليتنا؟ نستدعي نيتشه للإجابة عن هذا الوضع الجماهيري العربي حيث يؤكد أن "معنى الوجود" هو بالذات المعنى الذي أسقطه الإنسان ذاك على الوجود؛ فمرجعية " باعتبار"المعنى "هي الإنسان باعتباره طاقة وإرادة ترفض العبودية. ولاشك أن لهذه النظرية سلبياتها التي تتمثل في نرجسيتها؛ فالحراك الجماهيري العربي لم يكن بفعل حب الذات والنزوات؛ بل نقول أن الوجود نفسه يفرض علينا "المعنى" الذي يصير تلك العلاقة الجدلية بين الجماهير العربية-الذات- والوجود؛ وهنا لابد من استحضار اللغة لأنها الأداة التي يمكن، من جهة أن تنقل لنا دلالات التقديس والعبودية، أو يمكن لها، من جهة أخرى، أن تنقل لنا دلالات الإرادة أو الرغبة في تحقيق التغيير. "فالمعنى الجدلي " الذي تحمله الجماهير العربية هو أكثر مما يتضمنه" الوجود" وأكثر مما تتضمنه"الذات الجماهيرية العربية"؛ إنه الوحدة الجدلية بين الاثنين.
محمد بوجنال
المغرب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire